31°صنعاء
36°البيضاء
32°عدن
30°المكلا
33°حضرموت
30°تعز
35°المهره
42°مأرب
31° صنعاء
البيضاء36°
عدن32°
المكلا30°
حضرموت33°
تعز30°
المهره35°
مأرب42°
الخميس 09 / مايو / 2024
154.99ريال سعودي
158.57درهم إماراتي
750.91جنيه إسترليني
675.45يورو
ريال سعودي154.99
درهم إماراتي158.57
جنيه إسترليني750.91
يورو675.45

كل شبر مرّ منه حوثي هناك لغم محتمل.. هكذا أحالت المليشيا مساحات شاسعة من اليمن حقولاً للموت

كل شبر مرّ منه حوثي هناك لغم محتمل.. هكذا أحالت المليشيا مساحات شاسعة من اليمن حقولاً للموت

في سبتمبر من العام 2021 اجتاحت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران مديريات بيحان الثلاث في محافظة شبوة "بيحان، عسيلان، عين"، للمرة الثانية، بعد نحو أربع سنوات من طردها في عملية عسكرية أواخر العام 2017، وتطهير المديريات الثلاث من الألغام التي زرعها الحوثيون من قبل فرق الهندسة بالجيش، في مهمة استمرت عدة أشهر.

 

لم تستمر سيطرة الميليشيا على هذه المديريات طويلاً حتى بدأت عملية قوات العمالقة والجيش مسنودة بمقاومة شعبية، وتمكنت بإسناد فاعل من التحالف العربي، من استعادة السيطرة عليها مع مطلع العام الجاري، لكن الأرض التي استعيدت لم تكن على حالها حين سقطت، فقد زرعت فيها الميليشيا حقولاً من الموت متعددة الأشكال والأنواع، تجعل كل كائن حي يقترب من تلك المناطق أو يعيش فيها عُرضة لخطر دائم.

 

 ملأت الميليشيا المديريات الثلاث إضافة إلى مديرية حريب جنوب شرقي محافظة مارب بالألغام والعبوات الناسفة، حتى غدت "مناطق عالية التلوث بالألغام التي زرعها الحوثيون بشكل كثيف وبعشوائية"، بحسب المدير التنفيذي للمرصد اليمني للألغام الصحفي فارس الحميري.

 

الأمر ذاته يؤكده مدير مشروع "مسام" لنزع الألغام في اليمن الأستاذ أسامه القصيبي، الذي يقول للمصدر أونلاين، إن محافظات الجوف وشبوة ومارب تقع في المرتبة الثالثة من حيث التلوث بعد كل من تعز والحديدة على التوالي، "حيث استهدفت ألغام المليشيا كل المناطق الحيوية التي ترتبط مباشرة بحياة المدنيين ومصادر معيشتهم في هذه المحافظات"، كما يقول.

 

وحول كمية الألغام المزروعة في هذه المناطق يقول القصيبي إنه "لا يمكن التنبؤ بها.. ما نستطيع أن نؤكده بحسب المؤشرات الميدانية أن كميات كبيرة من الألغام لازالت مزروعة ولازال خطر الألغام على المدنيين قائما"، مشيراً إلى أنه "منذ منتصف العام 2018 وحتى اليوم تمكنت فرق مسام من نزع وتفكيك أكثر من 150 ألف لغم وعبوة ناسفة" من هذه المحافظات، ما يسلط الضوء على كثافة الألغام التي تزرعها الميليشيا في هذه المناطق.  

من تستهدف؟

حول طبيعة زراعة هذه الألغام وأهدافها المفترضة، يقول مدير "مسام" إن هذه الألغام زرعت بشكل عشوائي وكثيف، ومُوِّهتْ وزرعت بطرق وأساليب إجرامية، بهدف إلحاق الضرر بالسكان المحليين وتعطيل الحياة في كل المناطق اليمنية التي كانت مسرحا للحرب".  ويضيف: "جميع تلك الألغام زرعت بشكل ممنهج استهدف منازل المدنيين ومزارعهم ومدارس الأطفال وآبار المياه والطرقات الرئيسية والفرعية".

 

 ويقول الصحفي الحميري لـ"المصدر أونلاين" إن "ما حدث من عمليات زرع كثيف من قبل الحوثيين في مناطق شبوة ومناطق أخرى في المحافظات التي مر فيها مسلحو الجماعة، من الواضح أنها لم تكن لأعمال عسكرية بحتة، بل هي عملية إغراق وزرع عشوائي ودون التفريق بين الأهداف المدنية والعسكرية، واستهداف الحياة عموما في المناطق خارج سيطرتهم".

 

وحول نوعية هذه الألغام يقول الحميري: "لوحظ زراعة الحوثيين لألغام متنوعة الأحجام والأشكال، وأدخلوا تقنيات جديدة تعمل بالكاميرات الحرارية، وأخرى زرعت بطرق احترافية في محاولة واضحة للإيقاع بمزيد من الضحايا وكذا إعاقة عمل الفرق الهندسية". ويشير القصيبي إلى أنه منذ بدأ "مسام" عملة الإنساني في اليمن، سقط "31 شهيدا، 5 منهم من خبراء مسام الأجانب، بالإضافة الى 47 مصابا".

 

وعن هذه الألغام، وأكثرها خطورة، يقول مدير مسام: "جميع الألغام خطرة، لكن أخطر ما تواجهه الفرق حالياً ويتعين عليهم التعامل معها، هي ألغام الصخرة (عبوات ناسفة مموهه على شكل صخور)، والألغام المتشظية الوثابة، يليها الألغام الانفجارية المضادة للأفراد (الألغام التقليدية)".

 

ولكن ما الذي يجعلها أكثر خطورة؟، يقول القصيبي: "يتم في الغالب تزويد لغم الصخرة بحساس استشعار "الأشعة تحت الحمراء غير الفعالة PIR"، بحيث يتم تعمير "تسليح اللغم" ووضعه، ثم يتم تفعيله بواسطة شخص أو مركبة تمر بجوار اللغم، مما يؤدي إلى كسر حزمة الأشعة تحت الحمراء وبالتالي انفجار اللغم".

 

ويضيف: "بالنسبة للألغام المتشظية الوثّابة، يمكن تفعيلها إما عن طريق سلك التعثر الذي يتم توصيله باللغم أو عن طريق جهاز تحكم كهربائي عن بعد، لذا يجب أن تكون الفرق العاملة في مناطق هذا النوع من الألغام أكثر حرصاً لأن الشخص الذي زرع اللغم قد يكون مراقب للفريق ويقوم بتفجيره بمجرد اقتراب الفريق".

 

أما الألغام المضادة للأفراد بحسب القصيبي، "فتوجد في جميع المناطق اليمنية المحررة، ويصعب إزالتها بشكل خاص لأنها ليست مزروعة في أنساق منتظمة، كما أن 90٪ من هذه الألغام موجودة في مناطق وعرة يصعب فيها البحث والتنقل".

 

وقد أوقعت هذه الألغام حتى الآن المئات من الضحايا المدنيين، وفقاً للقصيبي، الذي أكد أن المشروع يتلقى باستمرار بلاغات من مواطنين انفجرت ألغام في مناطقهم، "وتتحرك فرق مسام الى تلك المناطق وتقوم بواجبها في تأمينها".

 

من جهته يشير الحميري إلى أن "عدد الضحايا الذين سقطوا منذ مطلع العام في مديريات شبوة جراء الألغام والقذائف غير المنفجرة من مخلفات الحرب، أكثر من 120 قتيلا وجريحا، معظم هؤلاء الضحايا سقطوا نتيجة الألغام التي زرعت في الطرقات التي يستخدمها السكان في تنقلاتهم".

 

التطهير.. المهمة المعقدة

وتجعل هذه الأنواع والأشكال المعقدة من الألغام إضافة إلى المساحة الشاسعة للمديريات الثلاث، من مهمة التطهير مهمة صعبة للغاية، ولذا فهي مهمة مازالت مستمرة حتى الآن بعد نصف عام على التحرير، وفق الحميري.

 

وغدت المديريات الثلاث ساحة عمل مفتوحة منذ التحرير الأول لها أواخر العام 2017، لكن العبء صار أكبر بعد عملية التحرير الثانية حيث "عملت الفرق الهندسية العسكرية التابعة لقوات العمالقة، والجيش الوطني، والتي رافقت عملية تحرير المديريات من الحوثيين مطلع العام الجاري، ثم الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام السعودي لنزع الألغام على انتزاع الآلاف من الألغام من الثلاث المديريات"، يقول مدير مرصد الألغام.

 

ويعمل فريق مسام في تلك المديريات منذ تأسس في العام 2018، بحسب القصيبي، الذي يؤكد في حديثه للمصدر أونلاين، أن الفرق التابعة لهم تعمل على تطهير بعض المناطق في محافظات شبوة ومارب والجوف للمرة الثانية والثالثة.

 

لكن نسبة التلوث اليوم باتت أعلى بعد عملية التحرير الثانية، ما دفع "مسام" إلى أن "يعمل في محافظة شبوة وتحديدا في مديريات بيحان وعسيلان وعين ومديرية حريب في محافظة مأرب بـ 15 فريق هندسي"، نزعت مؤخراً من هذه المديريات أكثر من 25 ألف لغم وعبوة ناسفة من أصل 42637 لغم تم نزعها من المحافظة منذ بدأ عمل مسام في اليمن".

 

وعن الفترة الزمنية المتوقعة لتطهير هذه المديريات يقول القصيبي: "عملية نزع الألغام من أصعب الأعمال وأكثرها خطورة ولا نستطيع تحديد فترة زمنية لإزالتها كونها زرعت بعشوائية وكثافة وتم تمويه الألغام وزراعتها بطرق وأساليب إجرامية".

 

ويضيف: "نحن لا نمتلك أية خرائط توضح أين زرعت هذه الألغام، ولا نمتلك معلومات حقيقة بالمناطق الملغومة، لذلك نعتبر كل المناطق التي كانت مسرح عمليات قتالية هي مناطق ملغومة ويتم مسحها بشكل كامل وهذا يصعب عمل فرق نزع الألغام".

 

ومؤخراً رافق "المصدر أونلاين" إحدى الفرق العاملة في إزالة الألغام من تلك المساحات، والتابعة للمشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن "مسام" في واحدة من زياراته المستمرة إلى مديرية عين، منطقة جربان، بغية التعرف على طبيعة المهمة، وظروف العمل، ونوضح كل ذلك في الفيديو التالي:

 

 

أكثر المناطق تلوثاً في اليمن

حيثما وضع حوثي قدمه هناك لغم محتمل، فالميليشيا لم تستثن منطقة من المناطق التي مرت بها من زراعة الألغام، لكن محافظة تعز كانت الأوفر حظاً وفق إحصائيات مشروع مسام، حيث لوثت المليشيات بالألغام والعبوات الناسفة 18 مديرية فيها من أصل 23 مديرية.

 

ووفقا للقصيبي فإنه منذ بدء عمل مشروع مسام في اليمن تمكنت فرقه الهندسية العاملة في محافظة تعز من نزع 90 ألف لغم وعبوة ناسفة من مديريات ذو باب، والمخا، والوازعية، وموزع.

 

وتأتي محافظة الحديدة في المرتبة الثانية من حيث كثافة الألغام وعدد الإصابات أيضا، وبرغم الجهود التي قدمتها ولاتزال فرق مسام الهندسية في محافظة الحديدة والتي استطاعت حتى الآن من نزع 17 ألف لغم وعبوة ناسفة إلا أن المناطق الملغومة ما زالت تمثل النسبة الأكبر وهي المناطق التي لا تستطيع حاليا فرق مسام الوصول إليها.

 

يقول القصيبي إن "مستقبل اليمن بدون عملية نزع الألغام مظلم وكارثي فهو اليوم يعد من أكثر دول العالم زراعة للألغام منذ الحرب العالمية الثانية. مشيراً إلى أنه "بدون عمليات نزع الألغام لن يحدث استقرار ولن تكون هناك تنمية ولن يتوقف نزيف الدم اليمني".

 

 ومن خلال "المصدر أونلاين" وجه القصيبي دعوة إلى اليمنيين عموماً في مناطق هذه الألغام وفي مديريات شبوة خصوصاً "الى الالتزام بتعليمات الفرق الهندسية وعدم التهاون مع الإرشادات التحذيرية والتوقف عن دخول أي مناطق لم تصل لها فرق نزع الألغام".

 

بدوره طالب مدير المرصد اليمني للألغام "الأمم المتحدة التي ترعى الهدنة في اليمن، والمنظمات الدولية والحكومات، الضغط على الحوثيين ليتوقفوا فوراً عن زراعة المزيد من الألغام، وحثهم على تسليم الخرائط، ووضع حد لسقوط مزيد من الضحايا المدنيين".